في التاسع عشر من حزيران من كل عام، يطل علينا اليوم الدولي لمكافحة العنف الجنسي في حالات النزاع، وهو فرصة للتذكير بمعاناة النساء والفتيات اللاتي تعرضن لأبشع أشكال العنف خلال فترات الحروب والنزاعات بالإضافة إلى بعض الحالات لتعرض الرجال لهذا النوع من العنف. هذا اليوم ليس مجرد تذكير بالألم والمعاناة، بل هو أيضًا رسالة أمل وتحدي، تدعو إلى تكاتف الجهود الدولية والمحلية لبناء عالم أكثر أمانًا وإنصافًا للجميع.
العنف الجنسي في النزاعات يشمل أشكالًا متعددة من الاعتداءات مثل التحرش الجنسي، الاغتصاب، العبودية الجنسية، والاستغلال الجنسي. هذا النوع من العنف يُعد مصدرًا للألم والتعاطف الدولي، حيث تتعرض له النساء والفتيات بشكل خاص في ظل ظروف النزاعات والحروب.
تبرز المرأة بقوة استثنائية في مواجهة العنف الجنسي، حيث تتخذ خطوات جريئة لحماية نفسها وأسرتها. في مناطق النزاع، تتعرض النساء لضغوط نفسية وجسدية هائلة، ومع ذلك، تظهر الكثير منهن صمودًا لا مثيل له. تعمل النساء الناشطات والمنظمات النسوية على توعية المجتمع وتعديل السياسات لمكافحة العنف الجنسي في النزاعات. في العديد من مناطق النزاع، قامت النساء بإنشاء شبكات دعم محلية لتقديم المساعدة النفسية والاجتماعية والقانونية للناجيات من العنف الجنسي، مما يعزز الثقة بالنفس ويوفر بيئة داعمة لتمكين النساء من استعادة حياتهن والتحرك نحو مستقبل أفضل.
يلعب التمكين الاقتصادي دورًا حاسمًا في تعزيز قدرة المرأة على مقاومة العنف. عندما تتمتع المرأة بالاستقلال المالي، تزداد قدرتها على اتخاذ قرارات تؤثر إيجابيًا على حياتها وحياة أسرتها. الاستقلال الاقتصادي يمنح المرأة القوة لمواجهة التحديات والضغوط الاجتماعية. تعمل العديد من المنظمات الدولية والمحلية على تقديم برامج تدريبية ومشاريع صغيرة تساعد النساء في كسب لقمة العيش بكرامة. في مناطق النزاع، تقدم بعض البرامج منحًا صغيرة ودورات تدريبية في مجالات مثل الحرف اليدوية والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، مما يعزز من مهارات النساء ويساعدهن في بناء مستقبل مستدام لأنفسهن ولأسرهن.
يسهم التعليم والوعي في تمكين المرأة وإعطائها المعرفة اللازمة للدفاع عن حقوقها. التعليم هو الأساس الذي يبني عليه أي مجتمع متقدم. من خلال التثقيف ونشر الوعي بأضرار العنف الجنسي، يمكن تحفيز المجتمعات على دعم الضحايا والعمل نحو العدالة. تعتبر البرامج التعليمية التي تستهدف النساء والفتيات في مناطق النزاع أساسية في هذا الصدد. هذه البرامج لا توفر فقط التعليم الأساسي ولكنها تركز أيضًا على التوعية بحقوق الإنسان والتدريب على المهارات الحياتية. برامج التوعية التي تشرح القوانين المتعلقة بالعنف الجنسي وتوفر معلومات حول كيفية الحصول على المساعدة القانونية والطبية تعتبر حيوية في تمكين النساء من الدفاع عن حقوقهن ومواجهة التحديات.
تلعب السياسات الحكومية والإطار التشريعي دورًا حيويًا في حماية المرأة من العنف الجنسي. يجب على الدول تطبيق قوانين صارمة تكافح الجرائم الجنسية وتحمي الضحايا. هذا يشمل تعزيز أنظمة العدالة لضمان محاسبة الجناة وتقديم الدعم الشامل للناجيات. القوانين وحدها لا تكفي؛ يجب أن تُنفذ بفعالية ويجب أن يكون هناك وعي مجتمعي بأهمية هذه القوانين. تتطلب بعض الدول منظمات غير حكومية لتقديم تدريب لأفراد الشرطة والسلطات القضائية حول كيفية التعامل مع قضايا العنف الجنسي بحساسية وفعالية. كما يجب أن تكون هناك سياسات لدعم الناجيات تشمل تقديم الرعاية الصحية النفسية والجسدية والمساعدة في إعادة الاندماج في المجتمع.
في اليوم الدولي لمكافحة العنف الجنسي في حالات النزاع، علينا جميعًا أن ندعم النساء والفتيات اللواتي يعانين من هذه الظاهرة المروعة، ونعمل نحو إنشاء مجتمعات آمنة ومحترمة للجميع. من خلال تعزيز الصمود والتحدي، التمكين الاقتصادي، التعليم والوعي، والتشريعات والسياسات، يمكننا بناء عالم يسوده العدل والأمان. بالتضامن والتعاون، يمكننا تحقيق التغيير المطلوب وتقديم الدعم اللازم للنساء في مواجهة الظروف القاسية والحصول على العدالة التي يستحقنها. إن دعمنا المستمر للمرأة هو دعم لمستقبل أفضل وأكثر إنصافًا للجميع.
أحمد بكا - قسم تمكين المجتمع في المنتدى السوري