مخلفات الحرب، هي إمّا بقايا الأجسام التي تبقى بعد الحروب منها المتفجرة أو التي لم تنفجر بعد، تكون بعضها من الذخائر والقنابل بمختلف أنواعها والمدافع والأسلحة الكيماوية وغيرها، أو الأثر الذي تتركه على البشر والحجر والحيوانات والبيئة.

يختلف تأثير هذا الإرث الحربي بحسب نوعه ومكان تواجده، لكن المؤكد أنّ أثره سلبيُ دائماً، فكم نحتاج من الوقت بعد الحرب لأن نزيل كل هذه المخلفات وكيف تؤثر علينا في الوقت الحالي؟

Picture1.jpg 

تأثير مخلفات الحرب على المدنيين، بين الموت والجوع

بعد كل حربٍ نحصد نتائج مدمية بين المدنيين الذين أصيبوا بتشوهات وإعاقات دائمة تؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية فتعيقهم عن إعالة أنفسهم والاستمرار بحياتهم بشكل طبيعي.

يتأثر الأطفال بمخلفات الحرب بشكلٍ خاص، حيث يتعرض المئات للقتل بسبب بقايا الأسلحة المستخدمة والألغام المزروعة في المناطق التي شهدت صراعات مسلحة، "في العام الماضي، فقد حوالي 900 طفل في سوريا حياتهم أو أصيبوا، كانت الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة السبب الرئيسي لوقوع هؤلاء الأطفال الضحايا في عام 2021، وهو ما يمثل حوالي ثلث إجمالي الإصابات والوفيات المسجلة، تاركاً العديد من الأطفال بإعاقات مدى الحياة" وذلك بحسب اليونيسيف.

من مخلفات الحرب التي نشهدها أيضاً هي الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية والمباني والمنشآت التجارية والمعامل ، والتي تؤثر على السكان بشكل مباشر من خلال فقدان المأوى ومصادر العمل والغذاء الذي يسبب أمراضاً ومشاكل صحية قد تؤدي إلى الموت.

أما عند انتهاء الحروب فيبقى الخطر حاضراً لاسيما في المناطق التي تم زرع الألغام فيها أو التي أستخدمت فيها قنابل نوعية مثل العنقودية أو الكيماوية ذو الأثر طويل المدى.

بحسب تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة فإنّ "واحد من الأمثلة على ما يواجهه المدنيون من مخاطر يومية يتجلى في الحوادث الناجمة عن ذخائر متفجرة وألغام أرضية  والتي بلغ عددها 350 12 حادثة في جميع أنحاء البلاد من عام 2019 حتى نيسان/أبريل 2022".

في تحقيق استقصائي قامت به روزنة مع Unbias The News توضح فيه أنه "لا معلومات كافية عن حجم تسمم التربة، أو كيفية إحيائها؛ ما يمنع الأهالي من زراعة أراضيهم كليّاً أو جزئيّاً، فالتربة ملوثة ويحتمل أن تحتوي أيضاً على مخلفات متفجرة، وبسبب وجود قنابل عنقودية قاتلة، يعتبر تحديد مواقع الألغام وإبطالها أمراً صعباً للغاية"، ما يؤثر بشكل مباشر على الزراعة والموارد الغذائية لسكان المنطقة".

ليس من الضروري أن تكون مخلفات الحرب واضحة وملموسة، فهي بكثير من الأحيان نفسية تظهر علاماتها بشكل مباشر  أو بعد عشرات السنوات على المتأثرين بالحرب، تتمثل برهاب الاعتقال أو الموت والخوف من الفقد وعدم الاستقرار بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة وانفصام الشخصية وغيرها، منها قد تتفاقم مع الوقت وتؤدي إلى أفكار خطيرة مثل الانتحار.

 

أرقام مرعبة! 

تشير التقديرات إلى أن 6 من بين كل 10 سوريين يعيشون الآن في فقر مدقع بسبب الحرب،

كما وصل عدد السوريين الذين لا يعملون، أو غير المنخرطين في أي شكل من أشكال الدراسة أو التدريب، إلى 6.1 مليون شخص. وبلغ معدل البطالة بين الشباب 78% عام 2015.

بالإضافة إلى أن نحو 27% من مجموع الوحدات السكنية قد دُمرت أو تضررت جزئياً في مختلف المدن، وقد تضرر نحو نصف مجموع المنشآت الطبية جزئياً، فيما دُمِر نحو 16% منها في المنطقة نفسها.

 

التوعية بمخاطر مخلفات الحرب

كثيرٌ من المدنيين يقعون ضحايا مخلفات الحرب التي تتمثل بالأسلحة التي لم تنفجر أو الألغام والقنابل المزروعة، فيفقدون بها أطرافهم أو تسبب لهم إعاقات وتشوهات دائمة، "الذخائر المتفجرة (مخلّفات الحرب) تعرّض شخصًا من بين كل شخصين في سوريا لخطر الموت والإصابة" وذلك بحسب تقرير صادر عن مجموعة الحماية العالمية.

تكثر هذه النسب في مناطق الشمال السوري، لذلك تحاول إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، العمل على توعية السكان والنازحين بمخاطر مخلفات الحرب واشكالها وأماكن تواجدها وإشارات التحذير منها والدلائل على وجودها، كما تعرّفهم على كيفية الوقاية منها والإبلاغ عنها والتعامل الآمن معها عند مصادفتها.

تعمل أيضاً على تعريفهم بآثار هذه المخلفات على الإقتصاد والحالة النفسية والصحية لهم، فتقدم للبعض منهم خدمات الإحالة إلى المراكز التخصصية وغير التخصصية.

قدمت إحسان هذه الجلسات في مناطق  (كللي – قورقانيا- الاتارب) لأكثر من خمسة آلاف شخص منهم نساء وأطفال، كما استهدفت أكثر من ثلاثمئة شخص من المتعرضين لإصابات بمخلفات الحرب بمختلف الأعمار من الذكور الإناث. 

 

اتفاقية حظر الذخائر العنقودية .. دول لم توقّع منها روسيا

توصلت 107 دول عن طريق التفاوض إلى "اتفاقية الذخائر العنقودية" (حظر استخدامها وإنتاجها وتخزينها ونقلها) واعتمدتها في مؤتمرٍ دبلوماسيٍّ انعقد في دبلن بأيرلندا في مايو/أيار 2008 ودخلت حيز التنفيذ، في 2010.

الذخائر العنقودية تشمل أي ذخائر تقليدية (أي غــير نوويــة) تصمم لتنثر أو تطلق ذخائر صغيرة متفجــرة يقــل وزن كــل واحــدة منهــا عــن 20 كيلوغراما، ويشمل التعريــف فرادى الذخائر الصـغيرة. ولا تتطرق الاتفاقيـة لمسـائل مثـل عمـر الـذخائر أو جيلها، أو درجة تطورها أو موثوقيتها، كما أنها لا تعير أهمية لطريقة إيصال تلك الذخائر الصغيرة.

لم تنضم روسيا والصين والولايات المتحدة إلى الاتفاقية حتى يومنا هذا.

وعي النازحين بمخاطر مخلفات الحرب وكيفية التعامل معها تشكل نصف الحل، حيث يصبحون بذلك قادرين على حماية أنفسهم من الموت والإصابة.